فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ}.
ثم بين أن هذه النعمة التي يستحق الله بها الحمد وهي نعمة الآخرة أنكرها قوم فقال تعالى: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا الساعة} ثم رد عليهم وقال: {قُلْ بلى وَرَبّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عالم الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السموات وَلاَ في الأرض وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كتاب مُّبِينٍ لّيَجْزِىَ الذين ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.
أخبر بإتيانها وأكده باليمين، قال الزمخشري رحمه الله: لو قال قائل كيف يصح التأكيد باليمين مع أنهم يقولون لا رب وإن كانوا يقولون به، لكن المسألة الأصولية لا تثبت باليمين وأجاب عنه بأنه لم يقتصر على اليمين بل ذكر الدليل وهو قوله: {ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وبيان كونه دليلًا هو أن المسيء قد يبقى في الدنيا مدة مديدة في اللذات العاجلة ويموت عليها والمحسن قد يدوم في دار الدنيا في الآلام الشديدة مدة ويموت فيها، فلولا دار تكون الأجزية فيها لكان الأمر على خلاف الحكمة، والذي أقوله أنا هو أن الدليل المذكور في قوله: {عالم الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} أظهر، وذلك لأنه إذا كان عالمًا بجميع الأشياء يعلم أجزاء الأحياء ويقدر على جمعها فالساعة ممكنة القيام، وقد أخبر عنها الصادق فتكون واقعة، وعلى هذا فقوله تعالى: {فِي السموات وَلاَ في الأرض} فيه لطيفة وهي أن الإنسان له جسم وروح والأجسام أجزاؤها في الأرض والأرواح في السماء فقوله: {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ في السموات} إشارة إلى علمه بالأرواح وقوله: {وَلاَ في الأرض} إشارة إلى علمه بالأجسام، وإذا علم الأرواح والأشباح وقدر على جمعها لا يبقى استبعاد في المعاد.
وقوله: {وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذلك} إشارة إلى أن ذكر مثقال الذرة ليس للتحديد بل الأصغر منه لا يعزب، وعلى هذا فلو قال قائل فأي حاجة إلى ذكر الأكبر، فإن من علم الأصغر من الذرة لابد من أن يعلم الأكبر؟ فنقول لما كان الله تعالى أراد بيان إثبات الأمور في الكتاب، فلو اقتصر على الأصغر لتوهم متوهم أنه يثبت الصغائر، لكونها محل النسيان، أما الأكبر فلا ينسى فلا حاجة إلى إثباته، فقال الإثبات في الكتاب ليس كذلك فإن الأكبر أيضًا مكتوب فيه، ثم لما بين علمه بالصغائر والكبائر ذكر أن جمع ذلك وإثباته للجزاء فقال: {لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ذكر فيهم أمرين الإيمان والعمل الصالح، وذكر لهم أمرين المغفرة والرزق الكريم، فالمغفرة جزاء الإيمان فكل مؤمن مغفور له ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48] وقوله عليه السلام فيما أخبرنا به تاج الدين عيسى بن أحمد بن الحاكم البندهي قال: أخبرني والدي عن جدي عن محيي السنة عن عبد الواحد المليجي عن أحمد بن عبد الله النعيمي عن محمد بن يوسف الفربري عن محمد بن إسماعيل البخاري «يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من إيمان» والرزق الكريم من العمل الصالح وهو مناسب فإن من عمل لسيد كريم عملًا، فعند فراغه من العمل لابد من أن ينعم عليه إنعامًا ويطعمه طعامًا، ووصف الرزق بالكريم قد ذكرنا أنه بمعنى ذي كرم أو مكرم، أو لأنه يأتي من غير طلب بخلاف رزق الدنيا، فإنه ما لم يطلب ويتسبب فيه لا يأتي، وفي التفسير مسائل:
المسألة الأولى:
قوله: {أُوْلئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون لهم ذلك جزاء فيوصله إليهم لقوله: {لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ} وثانيهما: أن يكون ذلك لهم والله يجزيهم بشيء آخر لأن قوله: {أُوْلئِكَ لَهُمْ} جملة تامة إسمية، وقوله تعالى: {لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ} جملة فعلية مستقلة، وهذا أبلغ في البشارة من قول القائل.
ليجزي الذين آمنوا رزقًا.
المسألة الثانية:
اللام في ليجزي للتعليل، معناه الآخرة للجزاء، فإن قال قائل: فما وجه المناسبة؟ فنقول: الله تعالى أراد أن لا ينقطع ثوابه فجعل للمكلف دارًا باقية ليكون ثوابه واصلًا إليه دائمًا أبدًا، وجعل قبلها دارًا فيها الآلام والأسقام وفيها الموت ليعلم المكلف مقدار ما يكون فيه في الآخرة إذا نسبه إلى ما قبلها وإذا نظر إليه في نفسه.
المسألة الثالثة:
ميز الرزق بالوصف بقوله كريم ولم يصف المغفرة واحدة هي للمؤمنين والرزق منه شجرة الزقوم والحميم، ومنه الفواكه والشراب الطهور، فميز الرزق لحصول الانقسام فيه، ولم يميز المغفرة لعدم الانقسام فيها.
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (5)}.
لما بين حال المؤمنين يوم القيامة بين حال الكافرين، وقوله: {والذين سَعَوْ في ءاياتنا} أي بالإبطال، ويكون معناه الذين كذبوا بآياتنا وحينئذٍ يكون هذا في مقابلة ما تقدم لأن قوله تعالى: {ءامَنُواْ} معناه صدقوا وهذا معناه كذبوا فإن قيل من أين علم كون سعيهم في الإبطال مع أن المذكور مطلق السعي؟ فنقول فهم من قوله تعالى: {معاجزين} وذلك لأنه حال معناه سعوا فيها وهم يريدون التعجيز وبالسعي في التقرير والتبليغ لا يكون الساعي معاجزًا لأن القرآن وآيات الله معجزة في نفسها لا حاجة لها إلى أحد، وأما المكذب فهو آت بإخفاء آيات بينات فيحتاج إلى السعي العظيم والجد البليغ ليروج كذبه لعله يعجز المتمسك به، وقيل بأن المراد من قوله: {معاجزين} أي ظانين أنهم يفوتون الله، وعلى هذا يكون كون الساعي ساعيًا بالباطل في غاية الظهور، ولهم عذاب في مقابلة لهم رزق، وفي الآية لطائف الأولى: قال ههنا: {لَهُمْ عَذَابٌ} ولم يقل يجزيهم الله، وقد تقدم القول منا أن قوله تعالى: {لّيَجْزِىَ الذين ءامَنُواْ} يحتمل أن يكون الله يجزيهم بشيء آخر، وقوله: {أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ} إخبار عن مستحقهم المعد لهم، وعلى الجملة فاحتمال الزيادة هناك قائم نظرًا إلى قوله: {لِيَجْزِىَ} وههنا لم يقل ليجازيهم فلم يوجد ذلك الثانية: قال هناك لهم مغفرة ثم زادهم فقال: {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} وههنا لم يقل إلا لهم عذاب من رجز أليم، والجواب تقدم في مثله الثالثة: قال هناك: {لَّهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} ولم يقلله بمن التبعيضية فلم يقل لهم نصيب من رزق ولا رزق من جنس كريم، وقال ههنا: {لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ أَلِيمٌ} بلفظة صالحة للتبعيض وكل ذلك إشارة إلى سعة الرحمة وقلة الغضب بالنسبة إليها والرجز قيل أسوأ العذاب، وعلى هذا {مِنْ} لبيان الجنس كقول القائل خاتم من فضة، وفي الأليم قراءتان الجر والرفع فالرفع على أن الأليم وصف العذاب كأنه قال عذاب أليم من أسوأ العذاب والجر على أنه وصف للرجز والرفع أقرب نظرًا إلى المعنى، والجر نظرًا إلى اللفظ، فإن قيل فلم تنحصر الأقسام في المؤمن الصالح عمله والمكذب الساعي المعجز لجواز أن يكون أحد مؤمنًا ليس له عمل صالح أو كافر متوقف، فنقول إذا علم حال الفريقين المذكورين يعلم أن المؤمن قريب الدرجة ممن تقدم أمره والكافر قريب الدرجة ممن سبق ذكره وللمؤمن مغفرة ورزق كريم، وإن لم يكن في الكرامة مثل رزق الذي عمل صالحًا وللكافر غير المعاند عذاب وإن لم يكن من أسوأ الأنواع التي للمكذبين المعاندين.
ثم قال تعالى: {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}.
لما بين حال من يسعى في التكذيب في الآخرة بين حاله في الدنيا وهو أن سعيه باطل فإن من أوتي علمًا لا يغتر بتكذيبه ويعلم أن ما أنزل إلى محمد صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وقوله: {هو الحق} يفيد الحصر أي ليس الحق إلا ذلك، وأما قول المكذب فباطل، بخلاف ما إذا تنازع خصمان، والنزاع لفظي فيكون قول كل واحد حقًا في المعنى، وقوله تعالى: {وَيَهْدِى إلى صِرَاطِ العزيز الحميد} يحتمل أن يكون بيانًا لكونه هو الحق فإنه هاد إلى هذا الصراط، ويحتمل أن يكون بيانًا لفائدة أخرى، وهي أنه مع كونه حقًا هاديًا والحق واجب القبول فكيف إذا كان فيه فائدة في الاستقبال وهي الوصول إلى الله، وقوله: {العزيز الحميد} يفيد رغبة ورهبة، فإنه إذا كان عزيزًا يكون ذا انتقام ينتقم من الذي يسعى في التكذيب، وإذا كان حميدًا يشكر سعي من يصدق ويعمل صالحًا، فإن قيل كيف قدم الصفة التي للهيبة على الصفة التي للرحمة مع أنك أبدًا تسعى في بيان تقديم جانب الرحمة؟ نقول كونه عزيزًا تام الهيبة شديد الانتقام يقوي جانب الرغبة لأن رضا الجبار العزيز أعز وأكرم من رضا من لا يكون كذلك، فالعزة كما تخوف ترجى أيضًا، وكما ترغب عن التكذيب ترغب في التصديق ليحصل القرب من العزيز. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {وَقَالَ الذين كَفَرُواْ لاَ تَأْتِينَا الساعة}.
قيل: المراد أهل مكة.
قال مقاتل: قال أبو سفيان لكفار مكة: والّلات والعزّى لا تأتينا الساعة أبدًا ولا نُبعث.
فقال الله: {قُلْ} يا محمد {بلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} وروى هارون عن طَلْق المعلم قال: سمعت أشياخنا يقرءون {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَيَأْتِيَنَّكُمْ} بياء، حملوه على المعنى، كأنه قال: ليأتينكم البعث أو أمره.
كما قال: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمُ الملائكة أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل: 33].
فهؤلاء الكفار مقرّون بالابتداء منكرون الإعادة، وهو نقض لما اعترفوا بالقدرة على البعث، وقالوا: وإن قدر لا يفعل.
فهذا تحكّم بعد أن أخبر على ألسنة الرسل أنه يبعث الخلق، وإذا ورد الخبر بشيء وهو ممكن في الفعل مقدور، فتكذيب مَن وجب صدقه محال.
{عَالِمِ الغيب} بالرفع قراءة نافع وابن كثِير على الابتداء، وخبره {لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ} وقرأ عاصم وأبو عمرو {عالِم} بالخفض، أي الحمد لِلَّه عالم، فعلى هذه القراءة لا يحسن الوقف على قوله: {لَتَأْتِيَنَّكُمْ}.
وقرأ حمزة والكسائي: {علاّم الغيب} على المبالغة والنعت، {لاَ يَعْزُبَ عَنْهُ} أي لا يغيب عنه، و {يَعْزِب} أيضًا.
قال الفراء: والكسر أحبّ إليّ.
النحاس: وهي قراءة يحيى بن وثاب، وهي لغة معروفة.
يقال: عزَب يعزُب ويعزِب إذا بَعُد وغاب.
{مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} أي قدر نملة صغيرة.
{فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ} وفي قراءة الأعمش {وَلاَ أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرَ} بالفتح فيهما عطفًا على {ذَرَّةٍ} وقراءة العامّة بالرفع عطفًا على {مِثْقَالُ}.
{إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} فهو العالم بما خلق ولا يخفى عليه شيء.
{لِّيَجْزِيَ} منصوب بلام كي، والتقدير: لتأتينكم لِيجزي.
{الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} بالثواب، والكافرين بالعقاب.
{أولئك} يعني المؤمنين.
{لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ} لذنوبهم.
{وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} وهو الجنة.
قوله تعالى: {والذين سَعَوْا في آيَاتِنَا} أي في إبطال أدلّتنا والتكذيب بآياتنا، {مُعَاجِزِينَ} مسابقين يحسبون أنهم يفوتوننا، وأن الله لا يقدر على بعثهم في الآخرة، وظنوا أنا نُهْملهم؛ فهؤلاء {لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ} يقال: عاجزه وأعجزه إذا غالبه وسبقه.
و {أَلِيمٍ} قراءة نافع بالكسر نعتًا للرِّجْز، فإن الرِّجْز هو العذاب، قال الله تعالى: {فَأَنزَلْنَا عَلَى الذين ظَلَمُواْ رِجْزًا مِّنَ السماء} [البقرة: 59].
وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم {عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ} برفع {الميم} هنا وفي الجاثية نعتًا للعذاب.
وقرأ ابن كثِير وابن محيصن وحُميد بن قيس ومجاهد وأبو عمرو {مُعَجِّزِينَ} مثبِّطين؛ أي ثبطوا الناس عن الإيمان بالمعجزات وآيات القرآن.
{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (6)}.
لما ذكر الذين سَعْوا في إبطال النبوّة بيّن أن الذين أوتوا العلم يرون أن القرآن حق.
قال مقاتل: {الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} هم مؤمنو أهل الكتاب.
وقال ابن عباس: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
وقيل جميع المسلمين، وهو أصح لعمومه.
والرؤية بمعنى العلم، وهو في موضع نصب عطفًا على {لِيَجْزِي} أي ليجزي وليرى، قاله الزجاج والفرّاء.
وفيه نظر، لأن قوله: {لِّيَجْزِيَ} متعلق بقوله: {لَتَأْتِيَنَّكُمْ السَّاعَةَ} ولا يقال: لتأتينكم الساعة ليرى الذين أوتوا العلم أن القرآن حق، فإنهم يرون القرآن حقًّا وإن لم تأتهم الساعة.
والصحيح أنه رفع على الاستئناف، ذكره القشيريّ.
قلت: وإذا كان {ليَجْزِيَ} متعلقًا بمعنى أثبت ذلك في كتاب مبين، فيحسن عطف {وَيَرَى} عليه، أي وأثبت أيضًا ليرى الذين أوتوا العلم أن القرآن حق.
ويجوز أن يكون مستأنفًا.
{الذي} في موضع نصب على أنه مفعول أوّل ليرى {هُوَ الحق} مفعول ثان، و {هو} فاصلة.
والكوفيون يقولون {هو} عماد ويجوز الرفع على أنه مبتدأ.
و {الْحَقّ} خبره، والجملة في موضع نصب على المفعول الثاني، والنصب أكثر فيما كانت فيه الألف واللام عند جميع النحويين، وكذا ما كان نكرة لا يدخله الألف واللام فيشبه المعرفة.
فإن كان الخبر اسمًا معروفًا نحو قولك: كان أخوك هو زيد، فزعم الفراء أن الاختيار فيه الرفع.
وكذا كان محمد هو عمرو.
وعلّته في اختياره الرفع أنه لما لم تكن فيه الألف واللام أشبه النكر في قولك: كان زيد هو جالس، لأن هذا لا يجوز فيه إلا الرفع.
{ويهدي إلى صِرَاطِ العزيز الحميد} أي يهدي القرآن إلى طريق الإسلام الذي هو دين الله.
ودلّ بقوله: {العزيز} على أنه لا يغالب.
وبقوله: {الحميد} على أنه لا يليق به صفة العجز. اهـ.